سوابق
على كوبري الجامعة، تجلس "سوابق" متربعة، فوق رأسها قبعة مميزة من بقايا كتاب تاريخ مدرسي قديم.. تقول أنه كان لأخيها الذي ضحت من أجل أن يدخل ثانوي عام، تبكي جحود أخيها الذي كانت تضحي من أجله بإيراد اليوم كي يأخذ دروس تقوية في الفلسفة والمنطق والتاريخ، وعندما أصبح طبيباً شهيراً وله عيادة في "وسط البلد" لم يعد يقيم لها وزناً!.. تخرج بطاقة الرقم القومي التي تطلق عليها "البطاقة البلاستيك" كي تثبت أن لها أخ بالفعل، تستغل تشابه الأسماء بمهارة.. يصدقها العابرون، ويؤمنون على كلامها "كل شيء جايز!".. لا تتوقف عن سرد بطولاتها، فمثلاً.. كانت إذا مشت تكسو الأرض بالياقوت والسيراميك.. وإذا تكلمت غنت عصافير الربيع في عز الشتاء.. ثم تقسم أن عصفوراً ضربه أخوها الجاحد "الداكتور" بـ "النبلة"، نجحت هي في علاجه بماء الورد!.. ثم تعدل عن قسمها وعن حكاياتها، عندما تكتشف أنها صائمة وأنها في أيام مفترجة.. وتقول أنها شاهدت هذا الفيلم في طفولتها عندما كانت تعمل مع أبيها في بيع الأشياء "الساقعة" لجمهور "الترسو".. في الأيام الأخيرة ربطت رأسها بعلم مصر، ووضعت فوقه قبعتها القديمة.. وقبل أن تُسأل عن العلم بدأت حكايتها الجديدة: اشترته من مصروفها لأخيها الطبيب الجاحد، الذي طلبه منها لأنه حاول –كعادته العدوانية مع الطيور- اصطياد النسر الموجود على علم المدرسة، فتمزق، ونتيجة لذلك عاقبه الناظر، وطالبه بشراء علم جديد، وأيامها لم تكن هناك "ماتشات"، فاضطرت لشراء ربع قماش من كل لون وتفصيله عند الأسطى حليم الذي أخذ منها جنيه بحاله، وعندما ذهبت للمدرسة مع أخيها كي تسلم الناظر العلم، خُيل لها أنها تحمل كفنها على يدها في قضية ثأر-وكأن قلبها كان (حاسس)- ابتهج الناظر عندما رأى العلم، وعندما فرده اكتشف أنه بلا نسر.. فثار عليها، حاولت أن تقنعه بأنه ليس هناك أي داعِ لوجوده طالما أنه سيستفز الطلاب مرة لاصطياده.. لكن الناظر كان وطنياً، واعتبر أن ما فعلته إهانة لكرامة الوطن، وتزوير رسمي، فطلب البوليس.. وسجنت لمدة شهر مع الشغل، أعطتها النيابة العلم-حسب قولها- بعد أن أقنعتهم أنها ستستعمله ك"تربيعة" تستر بها الشيب الذي بدأ في الزحف على شعرها.. وبعد أن خرجت، صار اسم شهرتها منذ ذلك اليوم: سوابق..
Comments
:)
ملحوظة إذا سمحتيلي اللون الأصفر بيتعب جداً في القراءة مع الخلفية البيضاء فإذا كان من الممكن تغييرة يكون أفضل ولك وافر الشكر
تم تغيير اللون :-)